كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرجاه وهذا لفظ البخاري. وفي لفظ له: «فقال لليهود: ما تصنعون بهما؟» قالوا: نُسخّم وجوههما ونُخْزِيهما. قال: {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93] فجاءوا، فقالوا لرجل منهم ممن يرضون أعورَ: اقرأ، فقرأ حتى انتهى إلى موضع منها فوضع يده عليه، قال: ارفع يدك. فرفع، فإذا آية الرجم تلوح، قال: يا محمد، إن فيها آية الرجم، ولكنا نتكاتمه بيننا. فأمر بهما فَرُجما.
وعند مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بيهودي ويهودية قد زنيا، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاء يَهُود، فقال: «ما تجدون في التوراة على من زنى؟» قالوا: نُسَوّد وجوههما ونُحَمّلهما، ونخالف بين وجوههما ويُطَاف بهما، قال: {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} قال: فجاءوا بها، فقرأوها، حتى إذا مر بآية الرجم وضع الفتى الذي يقرأ يده على آية الرجم، وقرأ ما بين يديها وما وراءها. فقال له عبد الله بن سَلام- وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم-: مُرْه فلْيرفع يده. فرفع يده، فإذا تحتها آيةُ الرجم. فأمر بهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَرُجما. قال عبد الله بن عمر: كنت فيمن رجمهما، فلقد رأيته يقيها من الحجارة بنفسه.
وقال أبو داود: حدثنا أحمد بن سعيد الهَمْداني، حدثنا ابن وَهْب، حدثنا هشام بن سعد؛ أن زيد بن أسلم حَدثه، عن ابن عمر قال: أتَى نفر من اليهود، فدعَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القُفِّ فأتاهم في بيت المِدْارس، فقالوا: يا أبا القاسم، إن رجلا منا زنى بامرأة، فاحكم قال: ووضعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسادة، فجلس عليها، ثم قال: «ائتوني بالتوراة». فأتي بها، فنزع الوسادة من تحته، ووضع التوراة عليها، وقال: «آمنت بك وبمن أنزلك». ثم قال: «ائتوني بأعلمكم». فأتي بفتى شاب، ثم ذكر قصة الرجم نحو حديث مالك عن نافع.
وقال الزهري: سمعت رجلا من مُزَيْنَة، ممن يتبع العلم ويعيه، ونحن عند ابن المسيب، عن أبي هريرة قال: زنى رجل من اليهود بامرأة، فقال بعضهم لبعض: اذهبوا إلى هذا النبي، فإنه بعث بالتخفيف، فإن أفتانا بفُتْيا دون الرجم قبلناها، واحتججنا بها عند الله، قلنا: فتيا نبي من أنبيائك، قال: فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم، ما تقول في رجل وامرأة منهم زنيا؟ فلم يكلمهم كلمة حتى أتى بيت مِدْارسهم، فقام على الباب فقال: أنْشُدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى، ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحْصنَ؟ قالوا: يُحَمَّم، ويُجبَّه ويجلد. والتجبية: أن يحمل الزانيان على حمار، وتقابل أقفيتهما، ويطاف بهما. قال: وسكت شاب منهم، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم سكت، ألَظَّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم النَّشْدة، فقال: اللهم إذ نشدتنا، فإنا نجد في التوراة الرجم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فما أول ما ارتخصتم أمر الله؟» قال: زنى ذُو قرابة من ملك من ملوكنا، فأخَّر عنه الرجم، ثم زنى رجل في إثره من الناس، فأراد رجمه، فحال قومه دونه وقالوا: لا يرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه! فاصطلحوا هذه العقوبة بينهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فإني أحكم بما في التوراة» فأمر بهما فرجما. قال الزهري: فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: {إِنَّا أَنزلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} فكان النبي صلى الله عليه وسلم منهم.
رواه أحمد، وأبو داود- وهذا لفظه- وابن جرير.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن عبد الله بن مُرّة، عن البراء بن عازب قال: مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي محمَّم مجلود، فدعاهم فقال: «أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟» فقالوا: نعم، فدعا رجلا من علمائهم فقال: «أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حَدَّ الزاني في كتابكم؟» فقال: لا والله، ولولا أنك نَشَدتني بهذا لم أخبرك، نجد حد الزاني في كتابنا الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريفَ تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالوا حتى نجعل شيئًا نقيمه على الشريف والوَضِيع، فاجتمعنا على التحميم والجلد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه». قال: فأمر به فرجم، قال: فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} إلى قوله: {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} يقولون: ائتوا محمدًا، فإن أفتاكم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، إلى قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} قال: في اليهود إلى قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} قال: في اليهود {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} قال: في الكفار كلها.
انفرد بإخراجه مسلم دون البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، من غير وجه، عن الأعمش، به.
وقال الإمام أبو بكر عبد الله بن الزبير الحُمَيدي في مسنده: حدثنا سفيان بن عُيَيْنَة، عن مُجالد بن سعيد الهَمْدَاني، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله قال: زنى رجل من أهل فَدَك، فكتب أهل فدك إلى ناس من اليهود بالمدينة أن سلوا محمدًا عن ذلك، فإن أمركم بالجلد فخذوه عنه، وإن أمركم بالرجم فلا تأخذوه عنه، تسألوه عن ذلك، قال: «أرسلوا إليّ أعلم رجلين فيكم». فجاءوا برجل أعور- يقال له: ابن صوريا- وآخر، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: «أنتما أعلم من قبلكما؟». فقالا قد دعانا قومنا لذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهما: «أليس عندكما التوراة فيها حكم الله؟» قالا بلى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فأنشدكم بالذي فَلَق البحر لبني إسرائيل، وظَلّل عليكم الغَمام، وأنجاكم من آل فرعون، وأنزل المن والسَّلْوى على بني إسرائيل: ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟» فقال أحدهما للآخر: ما نُشدْتُ بمثله قط. قالا نجد ترداد النظر زنية والاعتناق زنية، والقبل زنية، فإذا شهد أربعة أنهم رأوه يبدئ ويعيد، كما يدخل الميل في المُكْحُلة، فقد وجب الرجم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هو ذاك». فأمر به فَرُجمَ، فنزلت: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.
ورواه أبو داود وابن ماجه، من حديث مُجالد، به نحوه. ولفظ أبي داود عن جابر قال: جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زنيا، فقال: «ائتوني بأعلم رجلين منكم». فأتوا بابني صوريا، فنشدهما: «كيف تجدان أمر هذين في التوراة؟» قالا نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المُكْحُلة رجما، قال: «فما يمنعكم أن ترجموهما؟» قالا ذهب سلطاننا، فكرهنا القتل. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهود، فجاءوا أربعة، فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمهما.
ثم رواه أبو داود، عن الشعبي وإبراهيم النَّخَعِي، مرسلا ولم يذكر فيه: «فدعا بالشهود فشهدوا».
فهذه أحاديث دالة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم بموافقة حكم التوراة، وليس هذا من باب الإلزام لهم بما يعتقدون صحته؛ لأنهم مأمورون باتباع الشرع المحمدي لا محالة، ولكن هذا بوحي خاص من الله، عز وجل إليه بذلك، وسؤاله إياهم عن ذلك ليقررهم على ما بأيديهم، مما تراضوا على كتمانه وجحده، وعدم العمل به تلك الدهور الطويلة فلما اعترفوا به مع عَملهم على خلافه، بأن زيغهم وعنادهم وتكذيبهم لما يعتقدون صحته من الكتاب الذي بأيديهم، وعدولهم إلى تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم إنما كان عن هوى منهم وشهوة لموافقة آرائهم، لا لاعتقادهم صحة ما يحكم به لهذا قالوا {إِنْ} أُوتِيتُمْ هَذَا والتحميم {فَخُذُوهُ} أي: اقبلوه {وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} أي: من قبوله واتباعه.
قال الله تعالى: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ}.
أي: الباطل {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} أي: الحرام، وهو الرشوة كما قاله ابن مسعود وغير واحد أي: ومن كانت هذه صفته كيف يطهر الله قلبه؟ وأنى يستجيب له.
ثم قال لنبيه: {فَإِنْ جَاءُوكَ} أي: يتحاكمون إليك {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا} أي: فلا عليك ألا تحكم بينهم؛ لأنهم لا يقصدون بتحاكمهم إليك اتباع الحق، بل ما وافق هواهم.
قال ابن عباس، ومجاهد، وعِكْرِمَة، والحسن، وقتادة، والسُّدِّي، وزيد بن أسلم، وعطاء الخراساني: هي منسوخة بقوله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ} [المائدة: 49]، {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} أي: بالحق والعدل وإن كانوا ظلمة خارجين عن طريق العدل {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.
ثم قال تعالى- منكرًا عليهم في آرائهم الفاسدة ومقاصدهم الزائغة، في تركهم ما يعتقدون صحته من الكتاب الذي بأيديهم، الذي يزعمون أنهم مأمورون بالتمسك به أبدًا، ثم خرجوا عن حكمه وعدلوا إلى غيره، مما يعتقدون في نفس الأمر بطلانه وعدم لزومه لهم- فقال: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ}.
ثم مدح التوراة التي أنزلها على عبده ورسوله موسى بن عمران، فقال: {إِنَّا أَنزلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا} أي: لا يخرجون عن حكمها ولا يبدلونها ولا يحرفونها {وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ} أي: وكذلك الربانيون منهم وهم العباد العلماء، والأحبار وهم العلماء {بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ} أي: بما استودعوا من كتاب الله الذي أمروا أن يظهروه ويعملوا به {وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} أي: لا تخافوا منهم وخافوني {وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} فيه قولان سيأتي بيانهما. سبب آخر لنزول هذه الآيات الكريمة.
قال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم بن العباس، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: إن الله أنزل: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} و{فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45]{فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47] قال: قال ابن عباس: أنزلها الله في الطائفتين من اليهود، كانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية، حتى ارتضوا أو اصطلحوا على أن كل قتيل قتلته العزيزة من الذليلة فديته خمسون وَسَقا، وكل قتيل قتلته الذليلة من العزيزة فديته مائة وسق، فكانوا على ذلك حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فذلت الطائفتان كلتاهما، لمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويومئذ لم يظهر، ولم يوطئهما عليه، وهو في الصلح، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا فأرسلت العزيزة إلى الذليلة: أن ابعثوا لنا بمائة وسق، فقالت الذليلة: وهل كان هذا في حيين قط دينهما واحد، ونسبهما واحد، وبلدهما واحد: دية بعضهم نصف دية بعض. إنما أعطيناكم هذا ضيمًا منكم لنا، وفَرقًا منكم، فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم ذلك، فكادت الحرب تهيج بينهما، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، ثم ذكرت العزيزة فقالت: والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم ولقد صدقوا، ما أعطونا هذا إلا ضيمًا منا وقهرًا لهم، فدسّوا إلى محمد: من يَخْبُر لكم رأيه، إن أعطاكم ما تريدون حَكمتموه وإن لم يعطكم حُذّرتم فلم تحكموه. فدسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسًا من المنافقين ليَخْبُروا لهم رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأمرهم كله، وما أرادوا، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} إلى قوله: {الْفَاسِقُونَ} ففيهم- والله- أنزل، وإياهم عنى الله، عز وجل.
ورواه أبو داود من حديث ابن أبي الزناد، عن أبيه، بنحوه.
وقال أبو جعفر بن جرير: حدثنا هَنَّاد بن السري وأبو كُرَيْب قالا حدثنا يونس بن بُكَيْر، عن محمد بن إسحاق، حدثني داود بن الحصين، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس؛ أن الآيات في «المائدة»، قوله: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} إلى {الْمُقْسِطِينَ} إنما أنزلت في الدية في بني النَّضير وبني قُرَيْظَة، وذلك أن قتلى بني النضير، كان لهم شرف، تُؤدَى الدية كاملة، وأن قريظة كانوا يُودَوْن نصف الدية فتحاكموا في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله ذلك فيهم، فحملهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحق في ذلك، فجعل الدية في ذلك سواء- والله أعلم أي ذلك كان.